نديم يوسف.. نجا من الاغتيال في سوريا وقتله “مجنون” في هولندا

تقرير: شعلان شريف- إذاعة هولندا العالمية/ لا بد أن ذلك الصباح الخريفي في بلدة عفرين السورية، قد مر ببال نديم يوسف قبل أن يلفظ أنفاسه، في ظهيرة ربيعية مشمسة في مدينة آلفن أن دن راين الهولندية الهادئة. في ذلك الصباح الخريفي من عام 2005 انفجرت عبوة ناسفة ألصقت بدراجة نديم البخارية حين كان يهم بركوبها ليتوجه إلى عمله.

وفي ظهيرة السبت، التاسع من نيسان (ابريل) 2011 دخل رجل مسلح يبدو أنه مضطرب عقلياً إلى مركز للتسوق في المدينة الهولندية وبدأ يطلق النار عشوائياً، وكان نديم أول ضحاياه.

 

قصة مأساوية لن ينساها سكان آلفن ان دن راين، البلدة الهولندية الهادئة التي يشطرها نهر الراين، والتي من النادر أن يحدث فيها شيء مثير. يوم السبت تكون الأسواق عادة أكثر ازدحاماً، وهذا السبت كان الزحام أكثر بسبب الطقس الرائق، المشمس الدافئ. وفجأة يتحول ظهيرة السبت الرائقة إلى كابوس لم تستفق البلدة منه بعد. رجل في الرابعة والعشرين من العمر يدخل فجأة بسلاحه إلى مركز التسوق، ويبدأ بإطلاق النار عشوائياً قبل أن يطلق النار على نفسه. سبعة قتلى، بمن فيهم القاتل، وسبعة عشر جريحاً من بينهم طفل في السادسة إصابته خطيرة.

 

شاعر وناشط سياسي
الصدمة كانت أقوى لدى الجالية السورية في هولندا. فمن بين القتلى الستة، نديم يوسف، الشاعر والناشط السياسي، الذي جاء إلى هولندا لاجئاً قبل أربعة أعوام، لينعم بما افتقده في بلاده من هدوء وأمن. “لا أستطيع حتى الآن أن اصدق أن نديم قد رحل، وبهذه الطريقة. إنها صدمة حقيقية.” يقول كاوة رشيد، صديق نديم وزميله في “المركز الإعلامي السوري الكردي” في لاهاي. كان كاوة يسوق سيارته حين جاءه الخبر عبر الهاتف. “فقدت سيطرتي واصطدمت بحافلة. تضررت السيارة، لكني نجوت بأعجوبة.” يقول كاوة في حديث لإذاعة هولندا العالمية.

قبل مجيئه إلى هولندا كان نديم يوسف ناشطاً معروفاً في الحركة الكردية في سوريا. فقد كان عضواً في التنسيقية الوطنية لحزب الوفاق الديمقراطي الكردي، المنشق عن حزب العمال الكردستاني، وهو حزب غير مرخص، شأنه شأن جميع الأحزاب السورية المعارضة.

 

محاولة اغتيال
في عامي 2004 و 2005 تعرض عدد من قياديي الحزب إلى محاولات اغتيال لم يتم حتى الآن التحقيق فيها. أحد الذين استهدفتهم محاولات الاغتيال كان نديم يوسف، الذي ألصقت عبوة ناسفة بدراجته البخارية التي يستخدمها يوميا للذهاب إلى عمله. وقد اصيب يوسف إصابات خطيرة في تلك المحاولة ونقل حينها إلى المستشفى. ويقول صديقه كاوة رشيد إن “نديم كان حتى وفاته يعاني من آثار محاولة الاغتيال، وكان لا يزال يتلقى العلاج في هولندا بسبب بعض الشظايا التي استقرت في جسده.”

وفي حين تتهم منظمات حقوقية سورية حزب العمال الكردستاني، بالوقوف خلف عمليات الاغتيال، انتقاماً من المنشقين عنه، فإن الناشط كاوة رشيد يوجه أصابع الاتهام إلى النظام السوري: “مهما تكن الجهة التي قامت بتنفيذ محاولة الاغتيال، فمن الواضح إن اغتيال المناضلين الأكراد يصب في مصلحة النظام، الذي لا يتورع عن استخدام أطراف معينة لتنفيذ خططه.”

 

الانتفاضة في سوريا
الأسابيع الماضية كانت مليئة بالنشاط السياسي، بالنسبة لنديم يوسف، وأقرانه من الناشطين السوريين في هولندا وأوروبا عموماً. فمنذ منتصف آذار (مارس) تشهد سوريا احتجاجات غير مسبوقة في أكثر من مدينة، تكاد أن تتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة. وقد سقط حتى الآن عشرات القتلى في صفوف المحتجين السوريين الذين يطالبون بالحريات والديمقراطية والإصلاح السياسي، في بلد، يعد الأكثر انغلاقاً وتشدداً في القمع، من بين البلدان العربية، حيث يخضع لحكم الحزب الواحد، وحالة الطوارئ منذ عام 1963.

هذا الأسبوع، كان يـُفترض أن يكون نديم يوسف من بين وفد من الناشطين السياسيين السوريين، يمثلون مختلف الأحزاب السورية المعارضة، في زيارة للبرلمان الأوربي. سيذهب الوفد إلى بروكسل يوم الثلاثاء، الثاني عشر من نيسان (أبريل) وسيلتقي بعدد من السياسيين الأوروبيين، ويشرح لهم عن آخر الأوضاع الحالية في سوريا. يقول كاوة رشيد “سأذهب أنا وسياسيون آخرون إلى بروكسل. لكن نديم لن يكون معنا. خسارة كبيرة.”