الشرق الاوسط … التوهان و الحيرة

downloadتعيش الشعوب في الشرق الاوسط اليوم حالة من الحيرة وعدم القدرة على تفسير ما يجري حوله من صراعات بينية وإقليمية، وحالة من عدم القدرة على اتخاذ المواقف مما يجري لما يحدث بمفهوم اللامعقول أمام اعينهم وهم لا يصدقون فيفقدون الثقة بأنفسهم وبهويتهم وبتاريخهم. من هذا المبدأ لا بد من سرد حقائق تاريخية أدت بنا الى ما نحن فيه اليوم من حالة عدم استقرار سياسي وأمنيوتخلففكري يؤرقنا ويقلقنا جميعاً.

في البداية لابد من التاكيد من حقيقة ان الصراع اليوم هو نتيجة حتمية لابد منها , شعوب حرمت من ابسط حقوقها وهو التعبير عن ما تفكر بها أو ترغب فيها , حتى رفضها للاشياء البسيطة في مجتمعاتها

ليس شرطا ان تكون سياسية بل شملت كافة المجالات .
البلاد التي قمعت فيه الحالة السياسية على اكثر من مئة عام و خلت من اي هامش سياسي ، هذه البلدان التي كانت مجرد سجون كبيرة مسموح فيها التنفس بصمت و مجتمعات خلت من الثقة حتى بين افراد العائلة الواحدة .
لقد عملت الأنظمة المتعددة الوجوه على قتل روح الانتماء الى الوطن و المواطنة و عملت على مدى اجيال بناء جسور من عدم الثقة بين الأقليات القومية و الاثنية على مبدأ فرق تسد وزرع الخوف و التخوف بينهم .
بعض المهتمين بشؤون الشرق الأوسط يقولون بان القوى الاستعمارية القديمة ( فرنسا و بريطانيا ) هي من قتلت الشعور و الانتماء الى الوطن في مجتمعات الشرق الأوسط ، طبعا أنا شخصيا اخالف الرأي تماما و اعتقد بان حكومات الانتدابات كانت لها دور في ترك المنطقة مكبولة بهموم و خلافات كبيرة و جعلت شعور المواطنة مريضا فينا ولكن الأنظمة العربية التي تناولت على حكم بلدان المنطقة هي من قتلت هذا الشعور في نفوس شعبها بغية بقائها على الحكم .
كما عملت هذه الأنظمة على وقوع شعوبها في اوهام مزينة بشعارات زائفة لا تمت للواقع بصلة كاللعب على تيار المقاومة وان هناك عدو ينتظر اي فرصة للانقضاض عليهم ، و جعل قضية الشعب الفلسطيني سلعة يبيعونها متى ما ارادو , وان تحرير فلسطين قبل اي شي .
كما عملوا من مقدسات شعوبها اكذوبة كالمقاومة و الاراضي المحتلة و دم الشهداء و الأمة العربية الواحدة و غيرها من مقدسات كانت عزيزة على قلوب شعوبها .
عمدت هذه الأنظمة على بناء امبراطورية أمنية تختلف أسمائها من بلد لآخر ولكنها تشترك بهدف واحد هو كتم الأفواه و قمع الأصوات و إقصاء الغيير و بناء المعتقلات و استكشاف طرق ووسائل تعذيبية لايتخيلها عقل . هذه الأجهزة التي اختصت الى جانب قمع شعوبها حماية القائد و الملك و السلطان ، طبعا الى جانب حماية القائد تلزمهم آلة إعلامية كبيرة تغازل مناقب القائد و تنعي من يرفض و تشرع للقاتل و تهجو من يعاديه .
ولا بد هنا من التنويه بان الغرب الديمقراطي كان يهمها جدا وجود أنظمة أمنية قوية في بلادها و تحافظ على استقرارها ، فقدمت لهم الدعم الكامل وفتحت لهم حسابات خاصة في بلادها تحت ستار الشراكة يعني باختصار أنظمة تبيع كل شي حتى كرامة شعوبها و غرب ديمقراطي تدعم بقائها على كرسي الحكم من مبدأ اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفه , اما موضوع حقوق الانسان و الحريات كانت مجرد هفوات كوميدية تقوم بأرضاء معارضات تلك الأنظمة .

بصراحة أنا اتفهم شعوب المنطقة حين تصل الى واقع التوهان وواقع مرير غير قادر على تفسير ما يجري ما يدفعه الى مواجهة الرصاص بصدر عاري صباحا و في االمساء يسمى بالارهابي , شعوب تسمى بالثوار في بلد و بالارهابي في بلد مجاور و مدعي الشغب في بلد اخر .
ولكني على ثقة تامة ان الانظمة الحاكمة في المنطقة مع اختلاف اشكالها هي السبب في ما تعانيه هذه الشعوب و الاوطان من تدمير للقديم و الحاضر و المستقبل وان صمت العالم الديمقراطي تضعه في موقع الشريك على تدمير ما تبقى .